الرأي الآخر
هل الجزاء من جنس العمل؟
الخميس، 01 مارس 2012 12:00 ص

هل الجزاء من جنس العمل؟
العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم، هكذا يكون العدل وحقوق الناس قيمة لا يمكن التفاوض فيها والتفريط في معطياتها بالنيابة عنهم.
مثلما تدين تدان، ومن عاب ابتلي، واستغلال النفوذ لتصفية الخصومات الشخصية والتحامل وتصيد وتضخيم أخطاء الآخرين، وتجاوز مصالح الغير بدون اعتبار للأضرار المحيقة بهم، يعتبر نوعاً من الظلم والجبروت المنهي عنه.
فنرى البعض يصيبهم الغرور والتعالي عندما تأتيهم السلطة، ويتيهوا تجبراً عندما يمسكون بزمام القوة، ويزادون تعجرفاً عندما يرون غريمهم ضعيفاً ومهزوماً، وينتهزون الفرصة لإحكام قبضتهم عليه، واستغلال ظروفه للإطاحة به.
سيقول بعضهم ومن لا ينتهز الفرصة المواتية والسلطة المتاحة للقضاء على منافسيه وتبوأ المكانة التي يريدها..؟؟ من لا يتمتع بما أفاء الله عليه من موقع قوة قد لا يتكرر، والاستفادة بعز يلذ له قطف ثماره والإحساس بروعته..؟؟
إن الذي يمنعه من البطش بالآخرين وإبادتهم هو الخشية من الله والخوف أن يكون الجزاء بنفس العمل، والوقوع بذنب ارتكاب خطيئة الظلم والإساءة وارتكاب الذنوب بحق الأبرياء، حتى وإن أخذته الحماسة والعزة بالإثم، وإن صدقت تهيؤاته وظنونه وحكم بنفسه على الآخرين، فعليه أن يذكر نفسه حينها بفضيلة العفو عند المقدرة، وأنه قد يخطئ في اعتقاده، وأن الغضب والظن قد يغلبانه، والشيطان متربص ببني آدم يسري بمجرى دمه وعروقه، وأحياناً يخلق الإنسان كذبة ويصدقها ويدين الآخرين بها.
الدنيا تدور، ويصبح ضعيف اليوم قادر الغد، وتأتي ساعة الانتقام، وتتوقد نيران الثأر، لذلك يبقى امتلاك التلاعب بمصائر الناس والإساءة إليهم مردوداً لفاعله، مهما كانت ظروفه الحسنة وموقعه الممتاز، فلا يغتر ويتكالب على غيره ولا يدوسهم في سبيل مصالحه، ولا يعتقد أن الدنيا دائمة، والكرسي باقٍ، والنفوذ مضمون، فسرعان ما تتغير المواقع وإن اعتقد بأن الأمور لا يمكن أن يطولها التبديل ولا أن يمسها التحول، هذه سنة الحياة، وعلى الباغي تدور الدوائر.
وصدق الله العظيم {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس: 24].;
لا يوجد تعليقات على الخبر.