بقعة ضوء
استقدام العمالة وتركها.. إشكالية وطن
الأحد، 28 يناير 2018 02:06 ص

استقدام العمالة وتركها.. إشكالية وطن
هي فعلاً إشكالية وطن، ومن يقوم بخلقها هو المواطن، وتساعده فيها الدولة من حيث يعلم أو لا يعلم الاثنان.
شاهدت فيديو تتحدث فيه نائبة البرلمان الكويتي صفاء الهاشم حول هذا الموضوع، مذهولة لبلوغ المواطنين إلى الوافدين في الكويت نسبة 1 إلى 3. نحن بالطبع في قطر تخطينا هذه النسبة، ولا نتحدث هنا عن المقيمين القدماء في الدولة، ولا عن أصحاب المهارات والخبرات القيمة ممن تحتاجهم الدولة أو قطاع الأعمال، وإنما عن العمالة السائبة من أصحاب الحرف العادية جداً والبسيطة، ممن يشكل إحضارهم للعمل ثم التخلي عنهم دون عودتهم لبلدانهم قنبلة موقوتة في أرضية التوازن السكاني والبنية الديموغرافية.
اليوم -ومنذ زمن- الجميع يحضر عمالة للمنازل.. للعزب.. للمشاريع الصغيرة.. والمتوسطة.. والكبيرة.. إلخ، ولا ضير في ذلك. إنما يأتي الخلل عندما ينهي رب العمل التعامل مع العامل ولا يعيده لبلده بدافع الرحمة وعدم قطع الرزق.
هذا المبدأ يكون مقبولاً عندما تغلق الشركة أبوابها والعمالة على كفاءة وتميّز، فليس الخطأ خطأ العامل هنا. أما أن تكون الشركة قائمة وموجودة والعامل غير منتج أو دون مهارة ولا يصلح للعمل أو يتم الاستغناء عنه لسبب أو لآخر.. جل ما يحدث هنا هو إعادة تدوير للعامل مرات ومرات، ونقله من كفيل لآخر، ومن مهنة لأخرى في كل مرة، وكأنها تجربة علمية الغرض منها إثبات أن الخلل ليس في العامل نفسه وإنما في الكفيل أو في مكان العمل أو في نوع المهنة، وهذا ما ليس منطقياً ولا مقبولاً.
من هنا، يجب إحضار العمالة المتخصصة في نوع المهنة المحضرة من أجلها. أما أن يتم استقدام شخص بلا مهارة، ثم يحاولون أن يخلقوا منه موظفاً منتجاً في مهنته، وحين لا يفلح يُساح به على طول البلاد وعرضها، تاركين له المجال لاستنزاف أرباب المهن الآخرين ممن سيقبلون بتجربة ضمه للعمل عندهم، وما أكثرهم ممن تدعوهم الحاجة والظروف لذلك، وما تلك الحاجة إلا كونهم هم الآخرين أحضروا أيضاً عمالاً واكتشفوا عدم مناسبتهم للأعمال التي أحضروهم من أجلها، فيشتركون في ذات الدائرة الدائرة بلا انتهاء.. دائرة إحضار العمال والتنازل عنهم وتجريب غيرهم، وهلم جراً دون توقف. ومن المتضرر -إضافة لهم بالطبع- المتضرر هو الوطن الذي يستقبل المزيد والمزيد من الأعداد، دون إخراج عدد موازٍ لمن دخل ومكث دون خروج. ولا ننسى أيضاً أن منهم الكثير من الهاربين.. هنا تكمن الخطورة، ويكون الاحتراز من حدوث انفجار سكاني مدوٍّ مطلباً حثيثاً وملحّاً. ولكن كيف ننفّذه؟ إليكم بعض الحلول:
- على مستوى أرباب الأعمال.. عليهم التأكد من إحضار العمالة المناسبة للمهنة، والأفضل أن تكون صاحبة ذات المهنة في بلدها، لا العمالة المجربة التي تأتي على الحظ إن أصابت وإلا فالسوق واسع وقطر لا ترد أحداً.. هذا من ناحية.
من ناحية أخرى، وهي الأهم ومربط الفرس في الأزمة كاملة.. على رب العمل إعادة العامل المستغنى عن خدماته إلى بلده، وعدم تركه ينتقل من كفيل إلى آخر ومن مهنة إلى أخرى دون نهاية، مشكّلاً خانة إضافية في رقم العمالة السائبة والفائضة واللاماهرة، ناهيك عن تشكيله رقماً إضافياً في خانة خلل التركيبة السكانية.
وأقول لأرباب الأعمال: عيبنا أو ميزتنا كقطريين الخوف من الظلم والخوف من قطع الأرزاق.. ولكن عليهم الخوف أيضاً على البلد وعدم توازن تركيبته وهو الأولى، وعليهم أن يدركوا أن العامل هو من ظلم نفسه ورب عمله حين كبّده هذه الخسائر وأهدر وقته دون عائد وهو يعلم أنه غير مناسب لهذا العمل أو أي من الأعمال التي سيتنقل فيها مجرباً بعد ذلك.
- أما على مستوى الجهات الحكومية، فيجب وضع آليات للحد من بقاء العمال دون داعٍ. ويمكن تحقيق ذلك بالحد من قبول نقل الكفالة، أو إلغاء نقل الكفالة، فيكون حينها على العامل الالتزام بعمله واحترامه؛ لأنه يعلم أن باب التنقل بين الوظائف وأرباب الأعمال قد أُغلق وما عاد موجوداً، وأنه إما أن يجيد العمل الذي ادّعى أنه يجيده حين أتى أو أن يعود من حيث أتى ولا يشكل ثقلاً عددياً على البلد دون داعٍ.
الغريب أن البنية التجارية في الدولة مسيطر عليها من قبل العمالة الوافدة، التي أتت بلا خبرات ثم توغلت وتملكت بعد أن فهمت قواعد السوق التجاري، رغم أنها سابقاً عجزت عن فهم قواعد المهن البسيطة التي جاءت لتعمل بها. في النهاية، رغم ذلك، ورغم أن المتضرر هم أرباب الأعمال وبخاصة المتوسطة والصغيرة، يجب أن يُراعى الجانب الديموغرافي ويُسعى لتوازنه؛ لأنه الأهم.;
شاهدت فيديو تتحدث فيه نائبة البرلمان الكويتي صفاء الهاشم حول هذا الموضوع، مذهولة لبلوغ المواطنين إلى الوافدين في الكويت نسبة 1 إلى 3. نحن بالطبع في قطر تخطينا هذه النسبة، ولا نتحدث هنا عن المقيمين القدماء في الدولة، ولا عن أصحاب المهارات والخبرات القيمة ممن تحتاجهم الدولة أو قطاع الأعمال، وإنما عن العمالة السائبة من أصحاب الحرف العادية جداً والبسيطة، ممن يشكل إحضارهم للعمل ثم التخلي عنهم دون عودتهم لبلدانهم قنبلة موقوتة في أرضية التوازن السكاني والبنية الديموغرافية.
اليوم -ومنذ زمن- الجميع يحضر عمالة للمنازل.. للعزب.. للمشاريع الصغيرة.. والمتوسطة.. والكبيرة.. إلخ، ولا ضير في ذلك. إنما يأتي الخلل عندما ينهي رب العمل التعامل مع العامل ولا يعيده لبلده بدافع الرحمة وعدم قطع الرزق.
هذا المبدأ يكون مقبولاً عندما تغلق الشركة أبوابها والعمالة على كفاءة وتميّز، فليس الخطأ خطأ العامل هنا. أما أن تكون الشركة قائمة وموجودة والعامل غير منتج أو دون مهارة ولا يصلح للعمل أو يتم الاستغناء عنه لسبب أو لآخر.. جل ما يحدث هنا هو إعادة تدوير للعامل مرات ومرات، ونقله من كفيل لآخر، ومن مهنة لأخرى في كل مرة، وكأنها تجربة علمية الغرض منها إثبات أن الخلل ليس في العامل نفسه وإنما في الكفيل أو في مكان العمل أو في نوع المهنة، وهذا ما ليس منطقياً ولا مقبولاً.
من هنا، يجب إحضار العمالة المتخصصة في نوع المهنة المحضرة من أجلها. أما أن يتم استقدام شخص بلا مهارة، ثم يحاولون أن يخلقوا منه موظفاً منتجاً في مهنته، وحين لا يفلح يُساح به على طول البلاد وعرضها، تاركين له المجال لاستنزاف أرباب المهن الآخرين ممن سيقبلون بتجربة ضمه للعمل عندهم، وما أكثرهم ممن تدعوهم الحاجة والظروف لذلك، وما تلك الحاجة إلا كونهم هم الآخرين أحضروا أيضاً عمالاً واكتشفوا عدم مناسبتهم للأعمال التي أحضروهم من أجلها، فيشتركون في ذات الدائرة الدائرة بلا انتهاء.. دائرة إحضار العمال والتنازل عنهم وتجريب غيرهم، وهلم جراً دون توقف. ومن المتضرر -إضافة لهم بالطبع- المتضرر هو الوطن الذي يستقبل المزيد والمزيد من الأعداد، دون إخراج عدد موازٍ لمن دخل ومكث دون خروج. ولا ننسى أيضاً أن منهم الكثير من الهاربين.. هنا تكمن الخطورة، ويكون الاحتراز من حدوث انفجار سكاني مدوٍّ مطلباً حثيثاً وملحّاً. ولكن كيف ننفّذه؟ إليكم بعض الحلول:
- على مستوى أرباب الأعمال.. عليهم التأكد من إحضار العمالة المناسبة للمهنة، والأفضل أن تكون صاحبة ذات المهنة في بلدها، لا العمالة المجربة التي تأتي على الحظ إن أصابت وإلا فالسوق واسع وقطر لا ترد أحداً.. هذا من ناحية.
من ناحية أخرى، وهي الأهم ومربط الفرس في الأزمة كاملة.. على رب العمل إعادة العامل المستغنى عن خدماته إلى بلده، وعدم تركه ينتقل من كفيل إلى آخر ومن مهنة إلى أخرى دون نهاية، مشكّلاً خانة إضافية في رقم العمالة السائبة والفائضة واللاماهرة، ناهيك عن تشكيله رقماً إضافياً في خانة خلل التركيبة السكانية.
وأقول لأرباب الأعمال: عيبنا أو ميزتنا كقطريين الخوف من الظلم والخوف من قطع الأرزاق.. ولكن عليهم الخوف أيضاً على البلد وعدم توازن تركيبته وهو الأولى، وعليهم أن يدركوا أن العامل هو من ظلم نفسه ورب عمله حين كبّده هذه الخسائر وأهدر وقته دون عائد وهو يعلم أنه غير مناسب لهذا العمل أو أي من الأعمال التي سيتنقل فيها مجرباً بعد ذلك.
- أما على مستوى الجهات الحكومية، فيجب وضع آليات للحد من بقاء العمال دون داعٍ. ويمكن تحقيق ذلك بالحد من قبول نقل الكفالة، أو إلغاء نقل الكفالة، فيكون حينها على العامل الالتزام بعمله واحترامه؛ لأنه يعلم أن باب التنقل بين الوظائف وأرباب الأعمال قد أُغلق وما عاد موجوداً، وأنه إما أن يجيد العمل الذي ادّعى أنه يجيده حين أتى أو أن يعود من حيث أتى ولا يشكل ثقلاً عددياً على البلد دون داعٍ.
الغريب أن البنية التجارية في الدولة مسيطر عليها من قبل العمالة الوافدة، التي أتت بلا خبرات ثم توغلت وتملكت بعد أن فهمت قواعد السوق التجاري، رغم أنها سابقاً عجزت عن فهم قواعد المهن البسيطة التي جاءت لتعمل بها. في النهاية، رغم ذلك، ورغم أن المتضرر هم أرباب الأعمال وبخاصة المتوسطة والصغيرة، يجب أن يُراعى الجانب الديموغرافي ويُسعى لتوازنه؛ لأنه الأهم.;
لا يوجد تعليقات على الخبر.